آداب العمل فى الإسلام

أمر الله- سبحانه- الناس بالعمل والسعي في الأرض والأكل من رزق الله، فقال تعالي:"هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور"}الملك:15{.

وحث الرسول"صلى الله عليه وسلم" على العمل، فقال:"اعملوا فكل ميسر لما خلق له"}متفق عليه{.

وفيما يلي نبين بعض السلوكيات المتعلقة بالعمل.
من سلوكيات العمل:

ذات يوم، ذهب رجل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسأله أن يعطيه شيئا من المال أو الطعام، فقال له صلى الله عليه وسلم : " أما في بيتك شيء؟"

قال الرجل: بلي، كساء نلبس بعضه ونبسط بعضه، وإناء نشرب فيه من الماء؛ فقال النبي: "ائتني بهما". فأتاه الرجل بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وقال: " من يشتري هذين؟". قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال صلى الله عليه وسلم : " من يزيد علي درهم؟" قالها مرتين أو ثلاثا، فقال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين، وأعطاهما النصارى، وقال له:" اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلي أهلك، واشتر بالآخر قدوما فأتني به". فأتاه به، فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده، ثم قال للرجل:" اذهب فاحتطب وبع، ولا أرينك خمسة عشر يوما".

فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشتري ببعضها ثوبا وببعضها طعامًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكته(علامة) في وجهك يوم القيامة. إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع(شديد) أو لذي غُرم مفظع(عليه دَيْن كبير) أو لذي دم موجع" (أبو داود).

جلس الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صباح أحد الأيام، فرأوا رجلا قويا، يسرع في السير ، ساعيا إلي عمله، فتعجب الصحابة من قوته ونشاطه، وقالوا: يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله( أي: لكان هذا خيرا له)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم موضحا لهم أنواع العمل الطيب:" إن كان خرج يسعى علي ولده صغارا، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى علي أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان" (الطبراني).

وكان الأنبياء جميعا- عليهم الصلاة والسلام- خير قدوة لنا في العمل والسعي، فما من نبي إلا ورعي الغنم، وكان لكل نبي حرفة وعمل يقوم به، وقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في العمال المختلفة، ولم يتميز عليهم كما حدث في بناء المسجد أو حفر الخندق، فكان يحمل التراب والحجار.
وللعمل والسعي علي الرزق سلوكيات يجب أن نتحلى بها، منها:

1- استحضار النية:
المسلم يبتغي من عمله إشباع البدن من الحلال وكفه عن الحرام، والتقوى علي العبادة، وعمارة الأرض.

2- عدم تأخير العمل عن وقته:
المسلم يقوم بأعماله في أوقاتها دون تأخير ، وقيل في الحكمة: لا تؤخر عمل اليوم إلي الغد.

3- التبكير:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم بارك لأمتي في بكورها" (الترمذي وابن ماجه وأحمد).

4- الجد في العمل:
المسلم يذهب إلي عمله بجد ونشاط، دون تباطؤ أو كسل، فمن جد وجد، ومن زرع حصد. قال الشاعر:
بقدر الكد تكتسب المعالي
ومن طلب العلا سهر الليالي
ومن طلب العلا من غير كد
أضاع العمر في طلب المحال

5- إتقان العمل:
المسلم يتقن عمله ويحسنه قدر المستطاع. قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" (البيهقي).

6- التواضع:
الكبر في الأمور كلها مذموم، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر" (أبو داود والترمذي وأحمد). فيتواضع كل رئيس لمرءوسيه، وليتعاون كل مرءوس مع رئيسه. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة؛ فقد كان مع رئيسه. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة؛ فقد كان يعاون أصحابه فيما يقومون به من عمل، ويساعد أهله في تواضع عظيم.

7- عدم الانشغال بعمل الدنيا عن العبادة والطاعة:
المسلم يعمل لكي يحصل علي الكسب الطيب له ولأسرته، وهو عندما يعمل يكون واثقا من تحقيق أمر الله؛ إذ يقول: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) "الملك:15".

وإذا كان العمل لاكتساب الرزق وإعفاف النفس عن المسألة عبادة في حد ذاته، فإن ذلك لا يشغلنا عن طاعة الله فيما أمرنا به من سائر العبادات.

8- البعد عن العمل الحرام:
المسلم يختار عملا لا يتعارض مع أصل شرعي، فلا يعمل في بيع الخمور أو فيما شابه ذلك.

9- الأمانة:
المسلم أمين في عمله؛ لا يغش ولا يخون، ولا يتقاضى رشوة من عمله، وهو حافظ لأسرار العمل، ويؤديه علي أكمل وجه. وكذلك صاحب العمل، عليه أن يحفظ للعاملين حقوقهم؛ فيدفع لهتا الجر المناسب دون ظلم، ولا يكلفهم ما لا يطيقون من العمل، كما أنه يوفر لهم ما يحتاجون إليه من رعاية صحية واجتماعية.

هناك تعليق واحد: